WYDEN: AT&T و T-Mobile و Verizon لم يخطروا أعضاء مجلس الشيوخ عن طلبات المراقبة

فضيحة المراقبة: شركات الاتصالات الأمريكية الكبرى تتجاهل إشعارات مجلس الشيوخ
مقالة تحليلية حول تقصير شركات الاتصالات الأمريكية الكبرى في إبلاغ أعضاء مجلس الشيوخ بطلبات المراقبة الحكومية
مقدمة: خرق الثقة والمساءلة
أثارت رسالةٌ من السيناتور رون وايدن إلى زملائه في مجلس الشيوخ موجةً من القلق والغضب، مُكشفةً عن تقصيرٍ خطيرٍ من قِبل ثلاثٍ من كبرى شركات الاتصالات الأمريكية، وهي AT&T و T-Mobile و Verizon، في إبلاغ أعضاء مجلس الشيوخ بطلبات المراقبة الحكومية، وذلك على الرغم من وجود شرطٍ تعاقديٍّ يُلزمها بذلك. تُسلط هذه القضية الضوء على مخاطر المراقبة الحكومية المُفرطة، وتُثير تساؤلاتٍ جدية حول مدى احترام شركات الاتصالات للخصوصية وحماية بيانات المستخدمين، فضلاً عن مدى التزامها بالشفافية والمساءلة تجاه السلطة التشريعية. تُعدّ هذه الواقعة انتهاكاً خطيراً لمبدأ فصل السلطات، وتُهدد استقلال مجلس الشيوخ وقدرته على أداء مهامه الدستورية.
تفاصيل التحقيق وكشف التقصير
كشف تحقيقٌ أجرته هيئة أركان السيناتور وايدن عن عدم إبلاغ شركات AT&T و T-Mobile و Verizon أعضاء مجلس الشيوخ بالطلبات القانونية – بما في ذلك تلك الصادرة من البيت الأبيض – لمراقبة هواتفهم. وقد أشارت الشركات لاحقاً إلى أنها تُقدم الآن مثل هذه الإشعارات، إلا أن هذا الاعتراف المتأخر لا يُخفي حجم التقصير وخطورته. يُذكر أن هذا الكشف جاء بعد تقريرٍ سابقٍ من المفتش العام، كشف عن حصول إدارة ترامب سراً على سجلات مكالمات ورسائل نصية لـ 43 من موظفي الكونغرس واثنين من أعضاء مجلس النواب في عامي 2017 و 2018، مع فرض أوامرٍ بمنع الكشف على شركات الاتصالات التي تلقت هذه الطلبات. وقد استهدف هذا التجسس السري، الذي كُشف عنه لأول مرة عام 2021، النائب آدم شيف، الذي كان آنذاك أعلى عضو ديمقراطي في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب.
ردود شركات الاتصالات: تناقضات وتسويف
أصدرت شركة AT&T بياناً عبر متحدثها الرسمي، ألكس بايرز، أكدت فيه الالتزام بالتزاماتها تجاه هيئة أركان مجلس الشيوخ، مُشددةً على أنها لم تتلق أي طلبات قانونية تتعلق بمكاتب مجلس الشيوخ بموجب العقد الحالي الذي بدأ في يونيو الماضي. ولكنّها تجنبت الإجابة على سؤالٍ حول ما إذا كانت قد تلقت طلبات قانونية قبل بدء العقد الجديد. أما شركتا Verizon و T-Mobile، فلم تُصدر أي ردّ على طلبات التعليق.
موقف السيناتور وايدن: دعوة للتحرك
وصف السيناتور وايدن في رسالته المراقبة الحكومية بأنها "تهديدٌ كبيرٌ لاستقلال مجلس الشيوخ ومبدأ فصل السلطات الأساسي". وأكد أن قدرة مجلس الشيوخ على أداء واجباته الدستورية مُهددة بشدة إذا استطاعت جهات إنفاذ القانون، سواءً على المستوى الفيدرالي أو الولائي أو المحلي، الحصول سراً على بيانات موقع السيناتورات أو سجلات مكالماتهم. وأشار إلى أن إحدى شركات الاتصالات (لم يُذكر اسمها) أكدت تسليمها بيانات مجلس الشيوخ لجهة إنفاذ القانون دون إبلاغ مجلس الشيوخ.
موقف شركات الاتصالات الأصغر: مقاربة مختلفة
على النقيض من شركات الاتصالات الكبرى، تبنت شركات أصغر، مثل Google Fi و US Mobile و Cape، سياساتٍ تُلزمها بإبلاغ جميع عملائها بطلبات الحكومة متى سُمح لها بذلك. وقد تبنت شركتا US Mobile و Cape هذه السياسة بعد تواصل مكتب السيناتور وايدن معهما. أكد أحمد خطاك، مؤسس ورئيس شركة US Mobile، عدم وجود سياسة رسمية لإبلاغ العملاء بطلبات المراقبة قبل استفسار السيناتور وايدن. أما جون دويل، الرئيس التنفيذي لشركة Cape، فأشار إلى سياسة الخصوصية الخاصة بالشركة، والتي تُنصّ على إبلاغ المشتركين باستلام أي إجراء قانوني يطلب الكشف عن بيانات حساباتهم، ما يُتيح لهم فرصة الطعن في هذا الطلب، إلا إذا مُنع ذلك قانوناً.
الإطار القانوني والتشريعي
بعد أن سنّ الكونغرس في عام 2020 حمايةً لبيانات مجلس الشيوخ التي بحوزة شركات الطرف الثالث، قامت هيئة أركان مجلس الشيوخ بتحديث عقودها لتُلزم شركات الاتصالات بإرسال إشعارات بطلبات المراقبة. لكنّ تحقيق مكتب السيناتور وايدن كشف عن عدم تطبيق هذه الإجراءات الحيوية. يُهمّ الإشارة إلى أن هذه الحماية لا تنطبق على الهواتف التي لم تُصدرها رسمياً هيئة مجلس الشيوخ، مثل الهواتف الشخصية أو الخاصة بحملات أعضاء مجلس الشيوخ وموظفيهم. وفي رسالته، شجّع وايدن زملاءه في مجلس الشيوخ على الانتقال إلى شركات الاتصالات التي تُقدم الآن إشعارات.
خاتمة: ضرورة حماية الخصوصية وتقوية الرقابة
تُبرز هذه القضية الحاجة المُلحة لتعزيز حماية الخصوصية وتقوية آليات الرقابة على المراقبة الحكومية. يجب على شركات الاتصالات أن تُلتزم بمعايير الشفافية والمساءلة، وأن تُبادر بإبلاغ المستخدمين بطلبات المراقبة الحكومية، ما لم يكن ذلك مُحظوراً قانوناً. كما يتطلب الأمر من الكونغرس سنّ قوانينٍ أكثر صرامةً لحماية بيانات المواطنين، وتحديداً بيانات أعضاء مجلس الشيوخ وموظفيهم، وضمان عدم استخدامها لأغراضٍ سياسية أو انتقامية. يجب أن يكون مبدأ فصل السلطات حجر الزاوية في أي نظام ديمقراطي، ويجب حماية استقلال السلطة التشريعية من أي تدخلاتٍ مُفرطةٍ من قبل السلطات التنفيذية أو القضائية. هذه القضية ليست مجرد انتهاكٍ للخصوصية، بل هي تهديدٌ داهمٌ للديمقراطية نفسها. لذلك، فإنّ المطلوب هو مزيدٌ من الشفافية والمساءلة، ومزيدٌ من الحزم في حماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين.