أخبار التكنولوجيا

اليابان تختبر مسبارها القمري قبل إطلاقه 2026

رحلة مسبار MMX الياباني: استكشاف أسرار أقمار المريخ

تُعدّ اليابان نفسها لاعباً رئيسياً في سباق استكشاف الفضاء، وسيرفع إطلاق مسبار Martian Moons eXploration (MMX) من وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (JAXA) من مستوى طموحاتها العلمية. هذه المهمة الطموحة، المقرر إطلاقها في عام 2026، تهدف إلى جمع عينات من قمر فوبوس، أحد قمرَي المريخ، وإعادتها إلى الأرض لدراستها. يُعدّ هذا الحدث قفزة نوعية في فهمنا لتاريخ المريخ وتكوين النظام الشمسي بشكل عام.

اختبارات دقيقة قبل الإطلاق: رحلة MMX نحو الفضاء العميق

قبل الانطلاق في هذه الرحلة الفضائية التاريخية، يخضع مسبار MMX لسلسلة من الاختبارات الدقيقة والشاملة لضمان نجاح المهمة. وقد أعلنت وكالة JAXA في الخامس عشر من مايو عبر منصة التواصل الاجتماعي X عن إجراء اختبار الفراغ الحراري للمسبار. هذا الاختبار، الذي يتم في غرفة مفرغة تحاكي ظروف الفضاء الخارجي، يهدف إلى فحص أداء جميع الأجهزة والمكونات على متن المركبة الفضائية في بيئة قاسية تشبه بيئة الفضاء. وتُظهر الصور المنشورة وحدتي العودة والاستكشاف للمركبة، بالإضافة إلى مركبة IDEFIX الصغيرة، التي طورتها وكالة الفضاء الألمانية (DLR) ووكالة الفضاء الفرنسية (CNES)، والتي ستلعب دوراً هاماً في استكشاف سطح فوبوس.

التحديات التقنية و أهمية اختبارات ما قبل الإطلاق

يُمثل اختبار الفراغ الحراري خطوة بالغة الأهمية في عملية التأكد من جاهزية MMX للرحلة الطويلة والمُعقدة إلى المريخ. فالتغيرات الشديدة في درجات الحرارة والضغط في الفضاء قد تؤثر سلباً على أداء الأجهزة الإلكترونية والحساسة. يجب أن يتحمل المسبار هذه الظروف القاسية لضمان جمع عينات دقيقة وتحقيق أهداف المهمة العلمية. كما تشمل الاختبارات محاكاة التأثيرات الإشعاعية والاختبارات الكهرومغناطيسية للتأكد من عدم وجود تداخلات قد تعيق عمل الأجهزة.

أسرار فوبوس وديموس: رحلة إلى الماضي الكوني

تُعتبر مهمة MMX أكثر من مجرد مهمة جمع عينات. فهي رحلة إلى الماضي البعيد لنظامنا الشمسي، إلى حقبة تشكل الكواكب. فأقمار المريخ، فوبوس وديموس، لغزٌ حيّر العلماء لعقود. فهل هذان القمران كويكبان أُسرِا في مدار المريخ؟ أم أنهما نتاج اصطدام هائل ضرب الكوكب الأحمر في الماضي البعيد؟

الفرضيات العلمية حول أصل قمرَي المريخ

يُرجّح العلماء أن يكون فوبوس وديموس نتاج اصطدام كوكب بالمريخ في حقبة مبكرة من تاريخ النظام الشمسي. هذه الفرضية تُفسّر التركيب الكيميائي للقمرين وتكوينهما الخاص. ولكن البيانات الحالية لا تُقدم إجابة قاطعة. وتُعدّ مهمة MMX فرصة ثمينة للتحقق من هذه الفرضيات وإثباتها أو دحضها من خلال تحليل التركيب الكيميائي والجيولوجي لعينات التربة التي سيجمعها المسبار. سيساعد هذا التحليل على فهم العمليات التي شكلت المريخ والكواكب الأخرى في النظام الشمسي.

جدول زمني طموح و تحديات لوجستية

من المقرر إطلاق MMX على متن الصاروخ الياباني H3 من مركز تانيجاشيما الفضائي في نوفمبر أو ديسمبر 2026. وقد تأجل الإطلاق سابقا بسبب مشاكل فنية في الصاروخ. سيصل المسبار إلى مدار المريخ في عام 2027، ليبدأ بمرحلة رسم الخرائط والاستكشاف لقمرَي فوبوس وديموس. وسيهبط المسبار على سطح فوبوس في عام 2029 ليجمع حوالي 10 جرامات من عينات التربة والصخور. ومن المتوقع أن تعود هذه العينات إلى الأرض في عام 2031.

التحديات اللوجستية و إدارة المخاطر

تُمثّل هذه المهمة تحدياً لوجستياً كبيراً. فرحلة MMX ستستغرق سنوات عديدة، وستتطلب دقة متناهية في التخطيط وال تنفيذ. يجب أن يتحمل المسبار ظروف الفضاء القاسية، ويجب أن تكون جميع الأجهزة على متنه في أعلى مستوى من الكفاءة. كما يجب التخطيط لجميع المراحل بحرص فائق لضمان سلامة المهمة و تحقيق أهدافها العلمية. وتشمل التحديات التواصل مع المسبار على مسافة شاسعة والتحكم به بدقة عالية.

أكثر من مجرد مهمة: التعاون الدولي و المستقبل

مهمة MMX ليست فقط مشروعاً يابانياً، بل هي نتاج تعاون دولي واسع النطاق. فالتعاون مع وكالات فضاء أخرى، مثل وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) ووكالة الفضاء الألمانية (DLR) ووكالة الفضاء الفرنسية (CNES)، يُبرز أهمية التعاون الدولي في مجال استكشاف الفضاء. هذا التعاون يُسهّل مشاركة الموارد والخبرات، ويُعزز الفرص للتوصل إلى اكتشافات علمية مهمة. يُمثّل هذا التعاون نموذجاً ملهماً للتعاون العلمي العالمي.

الآثار المترتبة على نجاح المهمة و الخطوات المستقبلية

ستُحدث مهمة MMX ثورة في فهمنا للمريخ وقمره فوبوس. وستُقدم هذه المهمة بيانات قيّمة ستُساعد العلماء على فهم تشكّل الكواكب وتطور النظام الشمسي. كما ستُفتح هذه المهمة الأبواب لمهام استكشافية مستقبلية أكثر طموحاً إلى المريخ وأقماره. وسيُمكن نجاح هذه المهمة من إجراء أبحاث أكثر تفصيلاً حول إمكانية وجود الحياة على المريخ في الماضي أو الحاضر. إنها رحلة إلى المجهول، رحلة واعدة تُلهم الجيل القادم من علماء الفضاء والباحثين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى