جوجل تجلب الإعلانات إلى وضع الذكاء الاصطناعي

جوجل تُدخل الإعلانات إلى وضع الذكاء الاصطناعي في بحثها: ثورة أم تهديد؟
تُعتبر جوجل رائدةً في مجال محركات البحث، وقد أحدثت الشركة ضجةً كبيرةً بإعلانها عن خططها لإدراج الإعلانات في "وضع الذكاء الاصطناعي" (AI Mode) في محرك بحثها. يُمثّل هذا القرار نقلةً نوعيةً في عالم الإعلانات الرقمية، إذ يدمج الإعلانات بشكلٍ مباشرٍ مع نتائج البحث المُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي، مما يُثير تساؤلاتٍ حول تأثيره على تجربة المستخدم ومدى قبول الجمهور لهذه الخطوة.
وضع الذكاء الاصطناعي وإدراج الإعلانات: تفاصيل جديدة
أعلنت جوجل رسميًا عن بدء اختبار عرض الإعلانات ضمن "وضع الذكاء الاصطناعي"، وهو الميزة التي تُمكّن المستخدمين من طرح أسئلةٍ مفتوحة والحصول على إجاباتٍ مُفصّلة مُولّدة بواسطة خوارزميات الذكاء الاصطناعي. ستظهر الإعلانات في مواقعٍ "مُناسبة" أسفل الإجابات، وضمن الإجابات نفسها في بعض الحالات. ووفقًا لجوجل، ستُظهر هذه الإعلانات، في بعض الاستفسارات، خياراتٍ مُلائمةً للمستخدم، كالبحث عن مُنشئ مواقع إنترنت، على سبيل المثال، إذا كان الاستفسار يتعلق بإنشاء مشروع تجاري.
كيفية اختيار الإعلانات وعرضها
تشرح جوجل أن اختيار الإعلانات المُناسبة يعتمد على سياق الاستعلام وكلمات البحث المُستخدمة. وذلك يعني أن الإعلانات لن تكون عشوائية، بل ستُختار بعناية لتُناسب موضوع البحث وسياقه. وسيُمكن هذا النظام المُستخدمين من استكشاف أفكارٍ تجارية جديدة، وتحديد نوع المحتوى المناسب، وحتى دراسة الجمهور المُستهدف. ويُشير هذا التوجه إلى قدرة جوجل على فهم سلوك المستخدم وتحليله بشكلٍ دقيق، مما يُتيح لها تقديم إعلاناتٍ مُخصصةٍ وفعّالة.
التحديات والمخاوف: هل يُقبل المستخدمون على هذه الخطوة؟
على الرغم من أن الإعلانات تُشكل مصدر الدخل الرئيسي لجوجل، حيث سجّلت الشركة إيراداتٍ ضخمةً من الإعلانات في الربع الأول من عام 2025، إلا أن إدراجها في "وضع الذكاء الاصطناعي" يُثير بعض المخاوف. أظهرت استطلاعات الرأي أن نسبةً لا يُستهان بها من المستخدمين لديهم تحفّظاتٍ تجاه استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلانات، مما يُشير إلى ضرورة دراسة هذه المخاوف بعناية.
آراء المستخدمين وتأثيرها على استراتيجية جوجل
أشارت دراسةٌ حديثة أجرتها منصة CivicScience إلى أن 36% من البالغين الأمريكيين يشعرون بالقلق من استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلانات، وأنهم قد يقلّلون من شرائهم للمنتجات من العلامات التجارية التي تستخدم هذا النوع من الإعلانات. هذه النسبة المُهمة تُلقي بظلالها على استراتيجية جوجل، وتُبرز الحاجة إلى تحقيق توازنٍ دقيقٍ بين تحقيق الأرباح وتوفير تجربة مستخدم إيجابية. فقد يؤدي الإفراط في عرض الإعلانات إلى إحباط المستخدمين وتقليل ثقتهم في نتائج البحث.
منافسة شركات التكنولوجيا في مجال الإعلانات المُدمجة بالذكاء الاصطناعي
ليست جوجل الوحيدة التي تُجرّب إدراج الإعلانات في منتجاتها المُعتمدة على الذكاء الاصطناعي. فقد سبقتها بعض الشركات، مثل محرك البحث Perplexity، الذي أطلق الإعلانات في نوفمبر الماضي، كما قامت مايكروسوفت باختبارٍ مُوجز للإعلانات في روبوت الدردشة Copilot قبل سنوات. وتُشير تصريحات OpenAI إلى إمكانية تبنيها نموذجًا قائمًا على الإعلانات في المستقبل. تُظهر هذه المنافسة الشديدة أهمية الابتكار في مجال الإعلانات المُدمجة بالذكاء الاصطناعي، وتُبرز الحاجة إلى تطوير استراتيجياتٍ إعلانيةٍ مُبتكرةٍ وفعّالة.
استراتيجيات المُنافسين وتأثيرها على جوجل
تُختلف استراتيجيات المُنافسين في التعامل مع الإعلانات المُدمجة بالذكاء الاصطناعي. فبعض الشركات تُركّز على التخصيص العالي، بينما تُفضّل أخرى نهجًا أكثر شمولية. يُمثّل هذا التنوع تحديًا لجوجل، ويُلزمها بالاستمرار في تطوير تقنياتها وتحديث استراتيجياتها لتبقى في صدارة السوق. ويُمكن أن تُؤثّر استراتيجيات المُنافسين على جوجل من خلال جذب المستخدمين أو تقليل حصتها السوقية.
توسيع نطاق الإعلانات في مُلخّصات الذكاء الاصطناعي (AI Overviews)
بالإضافة إلى "وضع الذكاء الاصطناعي"، أعلنت جوجل عن توسيع نطاق الإعلانات في ميزة "مُلخّصات الذكاء الاصطناعي" (AI Overviews)، وهي الميزة التي تُلخّص الإجابات على الاستفسارات. وستظهر الإعلانات في المُلخّصات المُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي عندما تكون مُناسبةً للاستعلام والإجابة المُقدّمة، مع وضع علامة "مُرعى" عليها. وقد بدأت جوجل بالفعل في عرض هذه الإعلانات على الهواتف المحمولة في الولايات المتحدة في أكتوبر الماضي، وستُوسّع نطاقها قريبًا إلى الدول الأخرى.
مخاوف الناشرين وتأثير الإعلانات على إيراداتهم
أثار توسيع نطاق الإعلانات في "مُلخّصات الذكاء الاصطناعي" مخاوفَ بعض الناشرين الذين يخشون من أن تُؤثّر هذه الخطوة على إيراداتهم الإعلانية. وقد أكّدت جوجل أنها تُراعي هذه المخاوف وتعمل على تطوير منتجاتها الإعلانية بشكلٍ يُراعي مصالح جميع الأطراف. يُمثّل هذا التوازن الدقيق بين تحقيق الأرباح وحماية مصالح الناشرين تحديًا كبيرًا لجوجل.
الخلاصة: مستقبل الإعلانات في عالم الذكاء الاصطناعي
يُمثّل إدراج جوجل للإعلانات في "وضع الذكاء الاصطناعي" و"مُلخّصات الذكاء الاصطناعي" نقلةً نوعيةً في عالم الإعلانات الرقمية. فقد فتحت هذه الخطوة آفاقًا جديدةً للتسويق الرقمي، لكنها تُثير في الوقت نفسه مخاوفَ تتعلق بتجربة المستخدم ومدى قبول الجمهور لهذه التقنية الجديدة. يُتوقّع أن تشهد السنوات القادمة تطوراتٍ كبيرةً في هذا المجال، وسيعتمد نجاح جوجل في هذه الاستراتيجية على قدرتها على تحقيق توازنٍ دقيقٍ بين تحقيق الأرباح وتوفير تجربة مستخدم إيجابية تُرضي جميع الأطراف. فالمُستقبل سيُحدّد ما إذا كانت هذه الثورة الإعلانية ستُحقق النجاح المنشود أم ستُواجه مقاومةً شديدةً من قِبل المستخدمين.