أخبار التكنولوجيا

إنجازات إماراتية في الذكاء الاصطناعي.. إطلاق نموذجي “فالكون عربي” و”فالكون H1″

إنجازات إماراتية رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي: إطلاق نموذجي "فالكون عربي" و"فالكون H1"

يمثل إعلان معهد الابتكار التكنولوجي في دولة الإمارات العربية المتحدة عن إطلاق نموذجي "فالكون عربي" و"فالكون H1" إنجازًا تاريخيًا يؤكد مكانة الإمارات الريادية في مجال الذكاء الاصطناعي، ويثري المشهد التكنولوجي العالمي بابتكاراتٍ متقدمةٍ تلبي الاحتياجات المتنوعة للمطورين والمؤسسات على حدٍ سواء. يُبرز هذا الإنجاز التزام دولة الإمارات الراسخ بالاستثمار في البحث والتطوير، ويسهم في ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.

نموذج "فالكون عربي": ثورة في معالجة اللغة العربية

يُعدّ نموذج "فالكون عربي" (Falcon Arabic) إنجازًا غير مسبوق، فهو أول نموذج ذكاء اصطناعي لغوي كبير (LLM) باللغة العربية ضمن سلسلة "فالكون" الشهيرة، وقد حاز على لقب النموذج العربي الأعلى أداءً على مستوى الشرق الأوسط وفقًا لتقييمات منصة (Open Arabic LLM Leaderboard). يتجاوز هذا النموذج مجرد تقديم تقنية متقدمة باللغة العربية، بل يمثل نقلة نوعية في فهم وتوليد اللغة العربية بمختلف لهجاتها.

منهجية التدريب وتفوق الأداء:

تم تطوير "فالكون عربي" بالاعتماد على إصدار "Falcon 3 – 7B"، ولكن سر تفوقه يكمن في منهجية تدريبه الفريدة. لم يعتمد المعهد على بيانات مترجمة، بل استخدم بيانات عالية الجودة باللغة العربية الأصلية، شاملةً اللغة العربية الفصحى بجميع مستوياتها، بالإضافة إلى اللهجات الإقليمية المتعددة. يُتيح هذا النهج للنموذج فهمًا أعمق للغة العربية، واستيعابًا أوسع لسياقاتها الثقافية المتنوعة. نتيجة لذلك، يتميز "فالكون عربي" بقدرته الفائقة على فهم دلالات اللغة العربية، و توليد نصوص دقيقة ومعبرة، تتناسب مع السياق الثقافي.

هذا التنوع في البيانات التدريبية لم يقتصر على اللهجات فقط، بل شمل أيضًا تنوعًا في أنواع النصوص، بما في ذلك الأدب، والصحافة، والوثائق الرسمية، وغيرها. هذا التنوع يمنح النموذج مرونةً وقدرةً على التعامل مع مجموعة واسعة من المهام اللغوية، بدءًا من الترجمة الآلية، وحتى توليد النصوص الإبداعية.

كفاءة التصميم مقابل الحجم:

يُبرز "فالكون عربي" تفوق التصميم الذكي على مجرد الحجم الضخم للنماذج اللغوية الكبيرة. فقد تمكن هذا النموذج، رغم حجمه المتوسط، من منافسة نماذج أكبر منه بعشرة أضعاف في الأداء. هذه الكفاءة العالية في الأداء تترجم إلى حلول مرنة وقابلة للتخصيص، تلبي احتياجات المؤسسات والمطورين على حد سواء، وتوفر لهم أدوات قوية وفعالة لتطوير تطبيقاتهم. يُعتبر هذا الإنجاز إثباتًا على قدرة معهد الابتكار التكنولوجي على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي فعّالة وذات كفاءة عالية، دون الحاجة إلى موارد حاسوبية ضخمة.

التطبيقات المحتملة:

تفتح إمكانيات "فالكون عربي" آفاقًا واسعةً للتطبيقات في مختلف المجالات، فيمكن استخدامه في:

تحسين محركات البحث العربية: يُمكن لـ"فالكون عربي" تحسين دقة نتائج البحث، وفهم استفسارات المستخدمين بشكل أفضل.
الترجمة الآلية: يُمكنه تقديم ترجمات دقيقة وسلسة بين اللغة العربية واللغات الأخرى.
توليد النصوص الإبداعية: يمكن استخدامه في كتابة القصص، والقصائد، والمقالات، وغيرها من المحتويات الإبداعية.
تحليل المشاعر: يُمكنه تحليل النصوص العربية وفهم المشاعر المُعبّر عنها فيها.
خدمة العملاء: يُمكن استخدامه في تطوير روبوتات محادثة ذكية لتقديم خدمة عملاء متقدمة باللغة العربية.
التعليم: يُمكن استخدامه كأداة تعليمية متقدمة لمساعدة الطلاب على تعلم اللغة العربية وفهمها بشكل أفضل.
الطب: يُمكن استخدامه في تحليل السجلات الطبية العربية، وتقديم دعم إضافي للأطباء.

نموذج "فالكون H1": الذكاء الاصطناعي عالي الأداء بكفاءة استثنائية

يُمثل نموذج "فالكون H1" نقلة نوعية أخرى في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يجمع بين الأداء العالي وكفاءة الموارد بشكل غير مسبوق. يهدف هذا النموذج إلى توسيع نطاق الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، من خلال تقليل الحاجة إلى موارد حاسوبية ضخمة أو خبرات تقنية متخصصة. يُتيح ذلك للمطورين والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي بكلفة أقل ومرونة أعلى.

تصميم مبتكر وكفاءة استثنائية:

يُعتبر "فالكون H1" امتدادًا لنجاح سلسلة "فالكون 3"، ولكنه يتفوق عليها بكفاءته العالية. بفضل تصميمه المبتكر الذي يجمع بين تقنيات "Transformer" و"Mamba"، يتفوق "فالكون H1" على نماذج أكبر منه حجمًا في الأداء، مع استهلاك أقل للموارد الحاسوبية. هذا التصميم الهجين يُمكّن النموذج من العمل بفعالية في بيئات محدودة الموارد، مما يُعزز من إمكانية تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأجهزة الطرفية، ويُحسّن من كفاءة وخصوصية العمليات.

مزايا "فالكون H1":

يتميز "فالكون H1" بمجموعة من المزايا التي تجعله نموذجًا متميزًا:

سرعة استدلال فائقة: يُقدم "فالكون H1" سرعة استدلال عالية جدًا، مما يُقلل من وقت انتظار المستخدمين للحصول على النتائج.
استهلاك منخفض للذاكرة: يستهلك "فالكون H1" كمية أقل من الذاكرة مقارنةً بالنماذج الأخرى ذات الأداء المماثل، مما يُجعله مناسبًا لتطبيقات الأجهزة المحمولة.
دعم متعدد اللغات: يدعم "فالكون H1" اللغات ذات الأصل الأوروبي، وهو أول نموذج في سلسلة "فالكون" يتمتع بقدرة توسعية لدعم أكثر من 100 لغة مختلفة. يُعتبر هذا إنجازًا مهمًا، حيث يُمكنه معالجة النصوص بلغات متنوعة، مما يفتح آفاقًا جديدة في مجال الترجمة الآلية وتطبيقات معالجة اللغات الطبيعية.
نماذج متعددة الأحجام: تضم عائلة "فالكون H1" نماذج متعددة الأحجام (34B، 3B، 7B، 1.5B، 1.5B-Deep، و 500M)، لتلبية احتياجات المطورين المختلفة. يُتيح هذا التنوع للمطورين اختيار النموذج الأنسب لبيئة التشغيل المحددة لديهم، سواء كانت تتطلب أداءً فائقًا أو استهلاكًا منخفضًا للموارد. هذه المرونة في الاختيار تُسهّل عملية دمج "فالكون H1" في مجموعة واسعة من التطبيقات.
التشغيل على أجهزة ذات موارد محدودة: تمكنت النماذج الصغيرة الحجم ضمن عائلة "فالكون H1" من التشغيل الفعال عبر الأجهزة المتقدمة ذات الموارد المحدودة، مما يُوسّع نطاق تطبيقاته.

مقارنة بالأداء:

تفوق "فالكون H1" (خاصةً النموذج الرئيسي 34B) على نظائره من النماذج الكبيرة مثل "Llama" من ميتا و"Qwen" من علي بابا في أداء المهام المعقدة. كما تفوق كل نموذج في سلسلة "فالكون H1" على نماذج أخرى ضعف حجمه، واضعًا معيارًا جديدًا في كفاءة الأداء. وقد أثبت تفوقه في مجالات الرياضيات، والتفكير التحليلي، والبرمجة، وفهم السياقات الطويلة، والمهام المتعددة اللغات. هذا الأداء المتميز يجعله خيارًا مثاليًا للمطورين الذين يبحثون عن نموذج ذكاء اصطناعي عالي الأداء وموفر للموارد.

التطبيقات العملية:

تُستخدم نماذج "فالكون" بالفعل في تطبيقات واقعية حول العالم. فعلى سبيل المثال، بالتعاون مع مؤسسة بيل وميليندا غيتس، ساهمت نماذج "فالكون" في تطوير نموذج "AgriLLM"، الذي يُساعد المزارعين في اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً في ظل ظروف مناخية معقدة. وقد حُملت منظومة "فالكون" أكثر من 55 مليون مرة على مستوى العالم، وهي تُعد اليوم من أقوى النماذج المفتوحة المصدر وأكثرها ثباتًا في الأداء. هذا النجاح يُبرز القيمة العملية لهذه النماذج وقدرتها على إحداث تأثير ملموس في مختلف المجالات.

الرمز المفتوح المصدر ومسؤولية الذكاء الاصطناعي:

تُعد جميع نماذج "فالكون" مفتوحة المصدر، ومتاحة عبر منصتي "Hugging Face" و"FalconLLM.TII.ae" بموجب رخصة "فالكون" الخاصة بمعهد الابتكار التكنولوجي، والمبنية على رخصة أباتشي 2.0. هذا النهج يُشجع التعاون الدولي في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي، ويُتيح للمطورين الوصول إلى هذه التقنيات المتقدمة للاستفادة منها في تطوير تطبيقاتهم الخاصة. كما يُبرز التزام معهد الابتكار التكنولوجي بتعزيز تطوير ذكاء اصطناعي مسؤول وأخلاقي، من خلال توفير إمكانية الوصول المفتوح إلى هذه التقنيات، مع ضمان استخدامها بشكل إيجابي ومسؤول.

الاستدامة والأثر العالمي:

يُمثل إطلاق نموذجي "فالكون عربي" و"فالكون H1" خطوةً هامةً في تعزيز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كقوة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. فهو ليس مجرد إنجاز تقني، بل هو استثمارٌ استراتيجيٌ في بناء مستقبلٍ قائم على الابتكار والمعرفة. يُسهم هذا الإنجاز في تعزيز التنمية الاقتصادية، وخلق فرص عمل جديدة، وجذب المواهب العالمية إلى دولة الإمارات. كما يُبرز التزام دولة الإمارات بتعزيز التعاون الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي، ومساهمتها في تطوير تقنيات تُفيد البشرية جمعاء. بفضل تصميمها المبتكر وكفاءتها العالية، من المتوقع أن تُحدث نماذج "فالكون" تأثيرًا عالميًا كبيرًا في مختلف المجالات، وتُسهم في حل التحديات العالمية، من خلال توفير حلول ذكية وفعالة.

الخاتمة:

يُمثل إطلاق نموذجي "فالكون عربي" و"فالكون H1" نقلةً نوعيةً في مجال الذكاء الاصطناعي، ليس فقط على الصعيد الإقليمي، بل على الصعيد العالمي. يُبرز هذا الإنجاز قدرة دولة الإمارات على الابتكار والتنافس في مجالٍ تقنيٍّ متطور، ويُؤكد التزامها بتعزيز التنمية المستدامة من خلال الاستثمار في البحث والتطوير. مع استمرار التطوير والتحسين لهذه النماذج، من المتوقع أن تلعب دورًا محوريًا في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي، وتُسهم في إحداث تغيير إيجابي في مختلف جوانب الحياة. يُعدّ هذا الإنجاز مصدر فخرٍ للإمارات، ودافعًا قويًا للمزيد من الابتكارات في هذا المجال الحيوي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى